تمنح أول ترخيص لخدمة "الوسيط المركزي" في نقلة نوعية لسوق المال الكويتي
في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز البنية التحتية لسوق المال الكويتي وتحقيق المزيد من الكفاءة والشفافية، تعلن هيئة أسواق المال عن تدشين مرحلة نموذج “الوسيط المؤهل” وتمنح أول ترخيص لنشاط وكالة المقاصة لتقديم خدمة “الوسيط المركزي” (Central Clearing Counterparty “CCP”) ضمن أكبر نقلة نوعية تشريعية وتنظيمية منذ تنظيم السوق المالي في الكويت مطلع ثمانينيات القرن الماضي.
وتأتي هذه المبادرة ضمن جهود الهيئة المستمرة لتطوير الإطار التنظيمي والرقابي وتعزيز تنافسية السوق على الصعيدين الإقليمي والدولي. حيث منحت الهيئة موافقات مبدئية لتسع شركات وساطة لمزاولة نشاط “الوسيط المؤهل”، إلى جانب إصدار أول ترخيص من نوعه لمزاولة نشاط “الوسيط المركزي”، وهو نشاط جديد غير مسبوق في السوق.
وجاء هذا التحول بعد تنسيق دقيق وشامل بين الهيئة ومختلف الأطراف ذات العلاقة، متمثلة في بنك الكويت المركزي والبنوك المحلية، وبورصة الكويت، وشركات الوساطة وشركات الاستثمار، ووكالة المقاصة، استعدادًا لإطلاق الجزء الثاني من المرحلة الثالثة من برنامج تطوير منظومة سوق المال، الذي يهدف إلى تطوير البنية التحتية للسوق، ورفع مستوى الحوكمة، وتقليل المخاطر، وتعزيز ثقة المستثمرين.
الإطار التنظيمي وترخيص الأنشطة الجديدة
تولت الهيئة إعداد الإطار التنظيمي والتشريعي لأنشطة “الوسيط المؤهل” و”الوسيط المركزي”، واستقبال ودراسة طلبات الترخيص وفقًا لمتطلبات دقيقة أُقرت في اللوائح التنفيذية للقانون رقم 7 لسنة 2010 وتعديلاته. كما عملت على التنسيق مع الجهات المعنية لضمان انسيابية الانتقال وتيسير المتطلبات الفنية والتقنية، مع إصدار قرارات الترخيص في المواعيد المحددة بما يضمن تطويرًا تدريجيًا سلسًا للمنظومة.
“الوسيط المركزي”: نقلة نوعية في منظومة ما بعد التداول
أكدت الهيئة أن إصدار أول ترخيص نشاط وكالة المقاصة لتقديم خدمة "الوسيط المركزي" يشكل تحولًا نوعيًا في منظومة ما بعد التداول، حيث يعزز كفاءة عمليات التسوية وإدارة الضمانات، وتقليل مخاطر الطرف المقابل، مما ينعكس إيجابًا على سيولة السوق واستقراره. كما يتيح هذا النشاط فرصًا لتوسيع نطاق المنتجات والخدمات المالية، ويوفر بيئة أكثر أمانًا واستقرارًا للمستثمرين المحليين والدوليين.
تعاون مصرفي واسع النطاق
شهدت المرحلة التحضيرية تنسيقًا مكثفًا بين الهيئة والقطاع المصرفي لضمان تكامل الأنظمة الفنية، وتحقيق الجاهزية التقنية المطلوبة لحركة الأموال وتنفيذ الأوامر. وأسفر هذا التعاون عن تفعيل آلية الحسابات المرتبطة بالتداول عبر البنوك المحلية، مما يمهد لمرحلة جديدة من الشفافية والفعالية في السوق.
تعزيز بيئة الاستثمار وزيادة ثقة المتعاملين
تأتي هذه المبادرات كجزء من رؤية الهيئة لتعزيز جاهزية السوق، وتمكينه من مواكبة المعايير الدولية، وضمان تحول سلس نحو سوق مالي أكثر نضجاً وانفتاحاً. ويعكس هذا التحول التنظيمي التزام الهيئة بتوفير بيئة استثمارية آمنة وعادلة وذات كفاءة تشغيلية عالية، تواكب التطورات العالمية وتلبي تطلعات المستثمرين من الأفراد والمؤسسات. ومن المتوقع أن تسهم هذه الخطوة في تعزيز ثقة المتعاملين وترسيخ مكانة السوق الكويتي كوجهة مالية إقليمية موثوقة.
و تسهم هذه المبادرة أيضًا في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للهيئة، والتي تركز على تنمية أسواق المال وتنويع وتطوير أدواتها الاستثمارية مع السعي للتوافق مع أفضل الممارسات العالمية، وجذب الاستثمارات، وتعزيز الشفافية وحماية حقوق المستثمرين، بما يدعم رؤية دولة الكويت 2035 الهادفة إلى تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري جاذب للاستثمار ويساهم في التنمية الاقتصادية المستدامة.
كما تؤكد هيئة أسواق المال استمرار جهودها في تحسين بيئة العمل التنظيمية وتبسيط الإجراءات لاستقطاب المزيد من الاستثمارات المحلية والدولية، مع الالتزام الكامل بضمان الامتثال للمعايير الدولية وأفضل الممارسات.
ختاما، تؤكد هيئة أسواق المال دورها المحوري في تعزيز الثقة بالسوق المالي وتحقيق التوازن بين تسهيل الاستثمار والحفاظ على العدالة والشفافية، مما يعزز مكانة القطاع المالي كأحد المحركات الرئيسية للنمو الاقتصادي في دولة الكويت. كما يمثل إطلاق هذه المنظومة بداية مرحلة جديدة من الأدوات الاستثمارية والرقمية التي تعزز ثقة المستثمرين وتكرس دور الكويت كمركز مالي إقليمي. وتثمن الهيئة الجهود المبذولة في تمكين هذه المبادرة الطموحة التي تشكل ركيزة أساسية في استراتيجية تطوير السوق.
وتدعو الهيئة كافة المشاركين في السوق إلى متابعة الإعلانات الرسمية والاطلاع على التحديثات التنظيمية عبر موقعها الإلكتروني.