تعد المملكة العربية السعودية أحد أبرز الأسواق الاستهلاكية فيما يتعلق بـ”المنتجات الحلال”، بحجم إنفاق تجاوز 623 مليار ريال في عام 2023، إلا أن التحول الأبرز يتمثل في انتقال المملكة من دور المستهلك إلى خانة المستثمر، ووضع خطط مستقبلية للتحول إلى مستثمر عالمي هذا المجال.
وتمكنت المملكة من جذب استثمارات تقدر بنحو 5.5 مليار ريال في قطاعات الحلال، لتتصدر بذلك ترتيب الدول الأكثر جذبًا، متقدمة على ماليزيا والكويت والإمارات وإندونيسيا، وفقًا لتقرير سوق الحلال في المملكة العربية السعودية 2024 – 2025 الصادر عن شركة تطوير منتجات الحلال.
وشكلت الأغذية الحلال المحرك الرئيسي لهذا التحول، إذ استحوذت على أكثر من 5 مليارات ريال من تلك الاستثمارات، إلى جانب صفقات في قطاعات السفر والسياحة، والأدوية، ومستحضرات التجميل، والأزياء المحتشمة.
يأتي هذا الزخم الاستثماري مدفوعًا بتوجهات استراتيجية تقودها شركة “تطوير منتجات الحلال”، التي تأسست في عام 2021 وتُعد ذراعًا استثمارية واستشارية مملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، وتهدف إلى تعزيز إمكانات هذا القطاع في المملكة، وتمكينه على المستوى العالمي.
وفي عالمٍ تتنوع فيه أنماط المستهلكين ويسعى المنتجون لتلبية طلباتهم في الحصول على منتجات تنسجم مع ثقافاتهم ومعتقداتهم الدينية وأنماط حياتهم، يبرز الاقتصاد الحلال كأحد أسرع القطاعات نموًا وأكثرها جذبًا للاستثمارات، وهو ما أتاح فرصاص واعدة للاقتصاد السعودي.
لا يقتصر مفهوم الاقتصاد الحلال على الطعام فقط، بل يشمل ستة قطاعات تضم: الأغذية والمشروبات، والأزياء المحتشمة، والسفر، والإعلام والدواء، ومستحضرات التجميل.
في عام 2023، بلغ إنفاق المستهلكين المسلمين حول العالم على هذه المنتجات أكثر من 9.1 تريليون ريال، وتشير التقديرات إلى ارتفاع هذا الرقم إلى 11.7 تريليون ريال بحلول عام 2027، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 6.4%، مدفوعًا باتساع قاعدة المستهلكين في الأسواق الإسلامية، إضافة إلى أن نحو 23% من المسلمين حول العالم يعيشون في دول غير إسلامية، ما يوسّع نطاق الطلب على منتجات الحلال في أسواق متعددة.
وتُعد شركة “تطوير منتجات الحلال” امتدادًا للاستراتيجية السعودية للمنتجات الحلال التي أُطلقت في مايو 2021، وتركز على دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والشراكة مع الشركات المحلية والعالمية النشطة في هذا القطاع.
وتتسارع خطط المملكة لتوسيع الطاقة الإنتاجية في مكونات حيوية مثل الجيلاتين الحلال، إذ تستهدف رفع الإنتاج من 450 طنًا إلى 2500 طن سنويًا بحلول 2024، حسبما أفاد عمر عطية، نائب المشرف العام لمشروع المملكة للإفادة من الهدي والأضاحي، في تصريح سابق لـ”الشرق”.
وتنتج الشركة السعودية للجيلاتين والكبسولات، وهي المصنع الوحيد من نوعه في الخليج أكثر من 3 مليارات كبسولة سنويًا، 85% منها للاستخدام الغذائي.
تمثل الثقة المتنامية في المنتجات السعودية الحلال أحد أبرز مزايا المملكة التنافسية، ففي استطلاع رأي شمل مستهلكين من 7 أسواق رئيسية، قال 99% من المشاركين إنهم يعتبرون السعودية من بين أكثر خمس دول يُوثق بها في إنتاج المنتجات الحلال، فيما صنفها 92% ضمن الدول المفضلة لشراء تلك المنتجات.
وتتيح هذه الميزة التنافسية لعلامة “صنع في السعودية” أن تصبح شعارًا كافيًا لجلب ثقة المستهلك في سوق الحلال.
يرى التقرير، أن المملكة بمكنها أن تعزز صادراتها تدريجيًا بمقدار 27 مليار ريال، وتقلص اعتمادها على الواردات بنحو 66.3 مليار ريال، خاصة في القطاعات الغذائية والدوائية.
وتلعب القطاعات الستة التي يغطيها الاقتصاد الحلال دورًا حاسمًا في دفع عجلة رؤية 2030، لما تتيحه من فرص استثمارية وصناعية وتصديرية، تضع المملكة في موقع متقدم على خريطة الاقتصاد الحلال عالميًا.
وبحسب فواز الحربي، رئيس مجلس إدارة شركة “تطوير منتجات الحلال”.
فإن توسع السعودية في بناء منظومة متكاملة لهذه القطاعات، لا يستهدف فقط السوق المحلية، بل تسعى المملكة لتكون مرجعية تنظيمية وصناعية دولية لمنتجات الحلال، عبر نموذج سعودي يجمع بين الجودة، والامتثال، والثقة.
توجه سعودي للتحول من أهم مستهلك للمنتجات الحلال إلى لاعب عالمي
Typography
- Smaller Small Medium Big Bigger
- Default Helvetica Segoe Georgia Times
- Reading Mode